المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون كلمة أمام مؤتمر بروكسل

10 مايو 2022

المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون كلمة أمام مؤتمر بروكسل

المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون

كلمة أمام مؤتمر بروكسل

10 مايو/ آيار 2022

(ترجمة غير رسمية)

شكراً جوزيب، السادة الوزراء، الزملاء والأصدقاء،

1- دعوني أبدأ بأمر بديهي، مع تطور الصراع في سوريا على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، شهدنا معاناةً وانتهاكاتٍ على نطاق واسع؛ وصراعاً عنيفاً تجاوز كل الأعراف؛ وكارثةً إنسانية دمرت حياة أكثر من نصف السكان؛ وأزمة نزوح على نطاق لم نشهد له مثيل؛ وأزمة معتقلين ومختطفين ومفقودين؛ وكارثة اقتصادية أفقرت الملايين من السوريين؛ وتجزئةً للبلاد؛ وتهديداً مستمراً للإرهاب.

2- ويستمر كل ذلك حتى يومنا هذا: فالمعاناة مستمرة؛ والنزوح مستمر وقليل من السوريين يعودون؛ والأزمة الاقتصادية مستمرة؛ والعنف مستمر؛ مع خطر التصعيد المتواصل - حتى مع حالة الجمود العسكري السائدة. للأسف، فإن السوريين يحتاجون إلى دعمكم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى.

3- على مدار هذه السنوات، عملت أنا ومن سبقوني في هذا المنصب على المطالبة بوقف إطلاق النار على المستوى الوطني وإيجاد حل سياسي شامل بقيادة وملكية سورية - حل يُلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري ويحترم سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها.

4- لكن دعوني أكون صريحاً، فنحن ما زلنا بعيدين كل البعد عن مثل هذا الحل السياسي.

5- من المُقرر أن تجتمع الهيئة المصغرة للجنة الدستورية مرة أخرى في جنيف في نهاية هذا الشهر. لم تحقق الجولات السبع السابقة النتائج المرجوة. ولكنني آمل أن تحقق الجولة القادمة بعض التقدم التدريجي. لقد ناشدت جميع الأعضاء التحلي بحس من التوافق والانخراط البناء، والتركيز على الأمور التي يمكن للسوريين البدء في الاتفاق عليها.

6- بالطبع، آمل أن تتمكن اللجنة في نهاية المطاف من المساعدة في صياغة عقد اجتماعي جديد يساعد في التئام الجراح التي نتجت عن هذا الصراع المدمر. ولكن حتى إذا اتفق السوريون على جوهر الإصلاح الدستوري أو الدستور الجديد، فلا يمكن لهذا الإصلاح أن يأخذ مجراه داخل سوريا بشكل حقيقي إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه اليوم.  

7- فالعمل مطلوب لتهيئة بيئة آمنة وهادئة ومحايدة داخل سوريا، بدءاَ بإجراءات بناء الثقة، وفقاً لما نص عليه القرار 2254. من هذا المنطلق، فإنني أسعى إلى تحديد المجالات التي يُمكن أن يتم فيها التوصل إلى توافق في الآراء بشأن سلسلة من إجراءات بناء الثقة المتبادلة التي يُمكن تنفيذها بالتوازي، خطوة مقابل خطوة. وقد أجريت مشاورات مع العديد من الأطراف المتواجدة هنا واستأنست بنصيحتهم. وأود أن أشكر الاتحاد الأوروبي على دعمه الكبير، وأتطلع إلى مواصلة هذه النقاشات.

8- يجب أن تعمل إجراءات بناء الثقة كذلك على تخفيف المعاناة لدى عدد لا يحصى من العائلات السورية التي يتم احتجاز أفرادها أو اختطافهم أو فقدهم. لطالما شددت على الحاجة إلى بعض الإشارات الجديدة، وبعض التقدم، في هذا الملف الحيوي.

9- لقد أخذت علماً باهتمام بصدور مرسوم جمهوري في 30 أبريل/نيسان يمنح ما قيل إنه عفو عام فيما يتعلق بتهم الإرهاب. يرى الكثيرون في هذا الأمر تطوراً جديداً ومهماً نظراً لإمكانية أن يشمل هذا العفو عدداً كبيراً من السوريين. كما شهدنا ردود فعل عفوية من السوريين أملاً في أن يكون أحباؤهم ضمن المفرج عنهم.

10- وقد صرحت وزارة العدل في الحكومة السورية بأنه تم الإفراج عن عدة مئات من المحتجزين بموجب العفو - قيل إن بعضهم قضى فترات سجن طويلة – وأنه سيتبع ذلك المزيد من الإفراجات. لسنا الآن في وضع يسمح لنا بالتحقق من هذه التطورات بشكل مستقل، لكنني أتطلع إلى الحصول على معلومات مباشرة من المسؤولين السوريين خلال زيارتي لدمشق في وقت لاحق من هذا الشهر، ومناقشة كيفية البناء على هذا الأمر.

11- في غضون ذلك، آمل أن يتم لم شمل المزيد من المعتقلين وعائلاتهم في الأيام والأسابيع القادمة – بموجب هذا العفو الأخير أو مراسيم عفو جديدة وفقاً لما تقتضيه الحاجة.  فهذا الأمر من شأنه أن يرسل إشارة مهمة لجميع السوريين مفادها أن هناك أفق لإحراز تقدم.

 

 

أصحاب المعالي،

12- التقيت الأسبوع الماضي من خلال غرفة دعم المجتمع المدني بمجموعة متنوعة من 43 مشاركاً من المجتمع المدني السوري من جميع أنحاء سوريا الذين طالبوا بجهود أكبر لتحقيق حل سياسي مستدام يُلبي تطلعات جميع السوريين. وقد أدركوا الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في هذه العملية وفي الحفاظ على شكل من أشكال التماسك الاجتماعي. وطالبوا جميعاً بالحصول على معلومات حول مصير ومكان المفقودين والإفراج عن المعتقلين والمختطفين، مع أمل الكثيرين في أن يكون أحبائهم من بين أولئك الذين تم إطلاق سراحهم مؤخراً أو سيطلق سراحهم قريباً. وأعربوا عن مخاوفهم إزاء إمكانية انخفاض حجم التمويل الإنساني والتعافي المبكر بعد غياب تقدم ملموس في العملية السياسية.

13- كما التقيت أمس بعضوات المجلس الاستشاري النسائي حيث استمعت إلى العديد من الرسائل المماثلة حول الوضع العام. وقد تحدث العضوات عن تبعات الأزمة الاقتصادية المستمرة على النساء والأطفال والعائلات في سوريا. وتحدثن عن زواج القاصرات، وتسرّب الفتيات من التعليم، ودخول المزيد من النساء إلى سوق العمل غير الرسمي دون حماية إلى حد كبير.

أصحاب المعالي،

14- سيتحدث زملائي في الأمم المتحدة لاحقاً عن الاحتياجات الإنسانية للسوريين، فضلاً عن احتياجات المجتمعات الأخرى التي تدعمهم في المنطقة. أما من جهتي، فاسمحوا لي أن أعرب عن استيائي إزاء الكارثة الإنسانية التي أصابت المواطنين السوريين العاديين رجالاً ونساءً بالإضافة إلى جيل كامل من الأطفال. فالإحصائيات الأولية لا تعكس بشكلٍ كامل حقيقة المأساة التي يعيشها الكثير من السوريين. فالسوريين يستحقون ما هو أفضل بكثير من النضال من أجل تلبية احتياجاتهم الإنسانية. وأنني أوجه الشكر لكافة الدول والمنظمات الي ساهمت بكرمٍ وسخاء في دعم السوريين خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية. ولا تزال هناك حاجة ماسة إلى تلك المساهمات مرة أخرى.

15- أعلم أن منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة مارتن غريفيث سيكون محقاً في تذكيرنا بأهمية مواصلة العمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2585. ومن الواضح أن الجهود المبذولة لإيصال المساعدات عبر الخطوط وعبر الحدود يجب أن تستمر، وأنه يجب دعم جهود التعافي المبكر، والعمل على استمرار هذا الإطار في المستقبل.

16- لنتذكر دائماً أن السوريين في جميع أنحاء البلاد يواجهون أزمة اقتصادية مدمرة بعد أكثر من عقد من الحرب، والصراع، والفساد، وسوء الإدارة، والأزمة المالية اللبنانية، وجائحة كوفيد 19، والعقوبات – يضاف إلى ذلك الآن تأثير الحرب في أوكرانيا وتبعاتها الاقتصادية. إن هذا المأزق الاقتصادي لن يؤدي سوى إلى تأجيج أزمة النزوح والأزمة الإنسانية، بما يترتب على ذلك من آثار سيئة على الاستقرار في المنطقة وخارجها.

الأصدقاء،

17- لا تزال الأزمة السورية تشهد تدويلاً إلى حدٍ كبير – وهناك حاجة لدبلوماسية دولية بناءة لمعالجة القضايا الرئيسية. فليس بخافٍ عليكم، وكما نشهد هنا اليوم، أن التطورات الدولية الأخيرة والحرب في أوكرانيا جعلت هذا الأمر أكثر صعوبةً من ذي قبل. لكن بصفتي مبعوثاً للأمم المتحدة، فإنني سأستمر في إشراك جميع الأطراف الفاعلة الرئيسية، السورية والدولية، حول أهمية المساهمة ليس فقط في تخفيف المعاناة ولكن في بناء الثقة والمسار السياسي للخروج من هذه الأزمة.

18- رسالتي تظل نفسها التي نقلتها لمجلس الأمن: لا تفقدوا التركيز على سوريا. فالجمود الاستراتيجي السائد حالياً على الأرض وغياب سوريا عن العناوين الرئيسية للأخبار لا ينبغي أن يُفسر من قبل أي شخص على أن الصراع يحتاج إلى اهتمام أقل، أو أن الحل السياسي الشامل لم يعد ملحاً. أشكركم جميعاً على دعمكم المستمر.